الثقة بالنفس.. مصطلح نسمعه كثيرًا وإن كان يبدو مشوشًا إلى حد كبير في أذهان العديدين منّا، فما الثقة بالنفس على وجه التحديد؟ ماذا نقصد بهذه الكلمة حين ننطقها ونكررها على مسامعنا؟ كيف نكتسبها إن كانت بعيدة عن أذهاننا؟ كيف نعود أنفسنا عليها؟
الثقة بالنفس هي تلك المنطقة الضيقة التي تقع بين الاهتزاز والغرور، هي تلك المنطقة التي يشعر فيها الإنسان بالتصالح مع نفسه وقدراته وإمكاناته ونظرته لنفسه في المستقبل، دون أن يطوله الغرور أو يسقط في مستنقع الاهتزاز والتردد وضعف الشخصية ..
إنها منطقة يشعر الإنسان فيها بالرضا عن نفسه، والرغبة في تطويرها، ويشعر بمكانته وقيمته في المجتمع، ويعرف حجم ما يمكن أن يقدمه من إفادات لمن حوله، إنها المنطقة التي يصرح فيها الإنسان لنفسه بأنه راض ومقتنع بدوره.
لكن المهم كيف نكتسب تلك الثقة بالنفس؟ إنها مراحل متطورة، مرحلة تخرج من رحم الأخرى، ولا توجد الثانية إلا إن وجدت الأولى..
فأولى هذه المراحل أن يؤمن الإنسان بأهمية كل كائن خلقه الله سبحانه وتعالى، وعلى قمة هذا الهرم النافع من المخلوقات يتربع الإنسان خليفة الله في أرضه، فكل إنسان له دور في هذه الحياة، دور هام جدًا لا تستقيم حياة كل المخلوقات إلا بتمام هذا الدور، وأن الإنسان في كل مرحلة من مراحل حياته سيقوم بدور ما له من الأهمية ما له كل هذا سواء أشاء أم أبى، لكن القضية ستكمن في طبيعة هذا الدور الذي سيقوم به، فله أن يقوم بدور لا يليق بإمكاناته وقيمته، وبالتالي يشعر طوال عمره بانعدام الثقة والاهتزاز، أو يقوم بدور يليق بإمكاناته وقيمته، وهنا تكون الثقة بالنفس.
وثانية هذه المراحل أن يبحث الإنسان عن دوره اللائق به، وذلك بالتعرف إلى نفسه من خلال معرفته الصادقة بكل خباياه، ومن خلال معرفة الآخرين به والتي تظهر من تعليقاتهم عليه وتعاملهم معه، فحين يعرف الإنسان إمكاناته الحقيقية دون أن يقيمها أو يضع لها تصنيفًا فإنه يقطع نصف الطريق نحو إتمام ثقته بنفسه.
وثالثة هذه المراحل أن يؤمن الإنسان أن كل الأدوار سواء، لا أهمية لدور في الحياة على دور آخر، لكن الفكرة في المناسب له هو شخصيًا، أي أن أعظم العظماء في الحياة لا يستقيم عمله ولا نفعه دون عمل أبسط البسطاء في الدنيا، فلكل دوره، المهم أن يمارس الإنسان ما يناسبه وما يناسب إمكاناته.
ورابعة هذه المراحل أن يوجه الإنسان إمكاناته نحو تحقيق دوره الذي ارتآه لنفسه في الحياة، وأن يهذب تلك الإمكانات لتحقق هذا الدور.
وخامسة المراحل أن يؤكد لنفسه أنه صاحب رسالة في الحياة، وأنه صاحب دور هام في حياة كل المخلوقات حوله، ولكي يصل إلى هذا التأكيد عليه أن يبرمج عقله باستمرار ليتقمص هذه الحالة ويقتنع بها تمام الاقتناع، فيكرر على سمعه كلمات اكتساب الثقة وفهم دوره في الحياة، ولا يستهين بهذا التدريب اليومي لعقله ونفسيته، فنحن صنائع أفكارنا، وأفكارنا وليدة أقوالنا؛ التي نقولها لأنفسنا، ونقولها للآخرين، ويقولها لنا الآخرون، فنستمع لها ونفكر فيها، ونتقمصها مع مرور الزمن.
وسادسة المراحل أن يعرف الإنسان أن أية مقارنة بين دوره وأدوار المحيطين به، أو نجاحه ونجاحات المحيطين به، هو أولى خطوات الفشل، فالناجح لا يتابع إلا خطواته هو، لأنه لا يهدف إلا تحقيق هدفه هو، فما الداعي إذن إلى متابعة الآخرين؟
وسابعة تلك المراحل وآخرها أن يراجع الإنسان نفسه كل فترة ليحصنها من التأثيرات السلبية التي قد تعتريها من كلمات المغفلين والحمقى الذين لا يكتفون بأداء أدوار ثانوية لا تناسب إمكاناتهم بل يتعدون ذلك إلى إحباط من يسعى إلى تحقيق نجاح في دوره في الحياة، ومن ثم يؤدي استماعه إليهم إلى اهتزاز ثقته بنفسه، وعودته مرة أخرى إلى متاهة الشك وغماية الطريق..
فماذا ننتظر إذن؟
فلنبدأ في علاقة جديدة مع أنفسنا عنوانها "نحن نعرف من نحن"، وليقل كل فرد منّا لنفسه بكل ما أوتي من قوة: " أنا أعرف من أنا.. وأعرف قيمتي ودوري وأؤديه على أفضل ما يكون"
الرئيسية 
البوابة* 
أحدث الصور 
التسجيل 
دخول خروج 
الأربعاء أغسطس 24, 2011 4:07 am
